22 September 2025 Ecocide

environmental destruction

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهد جنوب لبنان موجة مكثفة وعلى نطاق واسع وغير مسبوق من الاعتداءات التي استهدفت الإنسان والبيئة معًا. فقد لجأت القوات الإسرائيلية إلى الاستخدام المتكرر للفوسفور الأبيض والذخائر الحارقة، ما تسبب في حرائق هائلة التهمت مساحات شاسعة من الأحراج والغابات، وأتلفت آلاف الأشجار المثمرة، وفي مقدمتها الزيتون والحمضيات. كما أدى القصف إلى تلويث التربة وتدمير مواسم زراعية بكاملها، فيما لحقت أضرار بالغة بالنظم البيئية، إذ تضررت موائل الثدييات والطيور ومجتمعات الحشرات، فضلًا عن مواقع استراحة الطيور المهاجرة، وهي الأنواع التي نفقت أو هجرت موائلها بفعل النيران والمواد السامة.


في مواجهة هذا الواقع، اضطلعت جمعية الجنوبيون الخضر بدور محوري في توثيق جرائم الحرب البيئية، حيث رصد متطوعوها الحرائق والأضرار الزراعية والبيئية، وقاموا بـ جمع عينات من التربة لتوثيق التلوث الناجم عن استخدام الفوسفور الأبيض. وإلى جانب ذلك، أطلقت الجمعية حملات مناصرة على المستويين المحلي والدولي، مؤكدة أن ما جرى يندرج ضمن سياسة الأرض المحروقة التي اعتمدها الاحتلال الإسرائيلي على امتداد العقود الماضية، ويشكّل شكلًا من أشكال الإبادة البيئية المتعمدة، التي لا تكتفي بتقويض مقومات الحياة في الجنوب وحرمان السكان من مواردهم الطبيعية، بل تمثل أيضًا محاولة ممنهجة لقطع رابطة الناس بأرضهم.


وقد دفعت الجمعية ثمن التزامها غاليًا، إذ فقدت أحد أبرز ناشطيها في فريق المتابعة والتوثيق ومنسقيها الميدانيين، الشهيد أسامة فرحات، الذي كرّس جهوده لحماية البيئة ومساعدة الناس التي صمدت في أرضها وتوثيق الانتهاكات. 

لقد كشف هذا العدوان الأخير أن البيئة في الجنوب لم تكن مجرد ضحية جانبية، بل هدفًا مباشرًا، في سياق عدوان يسعى إلى جعل المنطقة غير قابلة للحياة، ما يجعل ما جرى جريمة حرب بيئية بكل المقاييس

Related Posts

Scroll